قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
282653 مشاهدة print word pdf
line-top
أبو بكر ناصر الدين وقامع المرتدين

نصر الله تعالى به الإسلام بعدما مات النبي صلى الله عليه وسلم، أولا: جهز الجيش الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جهزه، وأمَّر عليه أسامة فأرسله كما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، أشار عليه بعض الصحابة أن لا يرسله، قال: إنهم سيتعرضون للكفار، فقال: لا أترك جيشا جهزه النبي صلى الله عليه وسلم. فأرسله؛ فذهبوا إلى أطراف الشام وقاتلوا ورجعوا سالمين غانمين، وكلما مروا بأناس قالوا: لو كان هؤلاء ضعفاء ما أرسلوا هذا الجيش في هذه الحالة.
ثم أرسل أيضا جيشا لقتال المرتدين؛ فانتصروا على كل المرتدين من العرب، وكذلك على المتنبئين الذين ادعوا النبوة كسجاح امرأة ادعت النبوة، وطليحة الأسدي وآخرهم مسيلمة الذي كان معه أكثر من مائة وعشرين ألف مقاتل، توجه إليه خالد بن الوليد ومعه نحو سبعة آلاف فنصرهم الله تعالى على أولئك الخلق العظيم، وقتلوا مسيلمة ولما قتلوا مسيلمة كأن جمعه كانوا زجاجة كسرت وانتثر ما فيها؛ فتفرقوا، وتمت الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه.
ثم بعده بايعوا لعمر رضي الله عنه، عهد إليه أبو بكر وأوصاه بوصايا، ورأى أنه أهل للخلافة، وذلك لقوته وصرامته، ثم بعده عثمان رضي الله عنه حيث اتفق أهل الشورى على تقديمه، ورأوا أنه أولى من يصلح للخلافة، ثم بعد قتله رضي الله عنه بايعوا عليا رضي الله عنه وذلك لفضله وإجماع أهل عصره عليه، حتى أهل الشام يعترفون بأنه أولى؛ ولكنهم طالبوا أن يمكنوا من قتلة عثمان وقال له أهل الشام ومعاوية نحن نبايعك ولكن قبل ذلك مكنا من قتلة عثمان حتى نقتلهم، فقال: بايعوني حتى يتم لنا الأمر، ثم بعد ذلك نتتبعهم ونقتلهم واحدا بعد واحد.
علم رضي الله عنه أنه إذا قتلهم غضب لهم أقوامهم؛ لأنهم سادة وقادة وشرفاء في أقوامهم ومشاهير في أقوامهم؛ فخاف أنه إذا قتلهم أن يثور عليه أقوامهم، فلم يتجرأ على ذلك، ولم يبايعه معاوية مع اعترافه بأفضليته.
هؤلاء هم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وقد تقدم هذا الحديث في مقدمة الكتاب مقدمة الرسالة حيث قال: عليكم بسنتي .
يعني: تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وسماهم خلفاء، وسماهم راشدين، وشهد لهم بأنهم مهديون؛ أي: أنهم من أهل الهداية، وهكذا ترتيبهم، ترتيبهم في الخلافة كترتيبهم في الفضل، وورد أيضا في حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا ؛ فإذا حسبنا إذا آخرها علي وخلافة ابنه الحسن ؛ فإن أبا بكر بقي أقل من ثلاث سنين، وعمر عشر سنين هذه ثلاث عشرة، وعثمان اثنا عشر سنة هذه سبع وعشرون أو ست وعشرون، وعلي بقي أربع سنين وتتمة الخلافة خلافة ابنه فكانت ثلاثين سنة.

line-bottom